Duration 1:11

إلى أمي الحبيبة

Published 29 Mar 2021

أمي رحلت في ليلة النصف من شعبان نبضُ القلبِ و روح الروح وكل البشر صاحبة ابتسامة لا تفارق محياها، سيدة الرقي الأخلاقي واللباقة بلا منازع، سيدة العطاء ومصدر الأمان والحنان، إذا قابلتها لأول مرة ستجد نفسك تبوح لها بسركَ وهمكَ لا إراديًا... مقابلتها سعادة ومجالستها راحة نفسيّة، تعيشُ لغيرها دائمًا، بيتها عامر دائمًا لا يخلو من المحبين، متقنة في بيتها وتصنع من البساطة فخامة بلمسة محترفة، تصحبني صغيرًا لحفظ آيات القرآن، كلماتها لي إذا ذهبت إلى مناسبة: "يما ما بدي أوصيك سلم على الناس لا تكشر ابتسم، بدي إياك تكون راقي في تعاملك مع الناس"،وكذلك توصيني دائمًا إذا ذهبت إلى أي مكان، من اللمحة الأولى تعرف أنني مزعوج وتقول لي: " شو مالك أبو الروض؟" ، "مين زعلك يا أغلى الناس؟" أرد عليها: "ولا إشي يما"، لا أريد أن تحمل همي... – لكنها تعرفني من عيوني ورعشة صوتي – فترد مبتسمة أبو الروض "ابن بطني بفهم رطني" ثم تجبرني كلماتها تلك على التبسم كمقدمة لأبوح لها بما أهمني، تحبُ كل الناس لم أرها تكره أو تحقد على أحد، روحها مرحة عاشت مكافحة تعمل في مهنة متواضعة بمرتب بخس دراهم معدودة لتخسر صحتها فيما بعد من أجلنا، من أجل عائلتها خسرت صحتها سريعًا، امرأة تؤدي عملها باحترافية عالية وإخلاص، ساندت والدي وكانت عونًا له، تلك الأيام لا أنساها تحملنا صغارًا معها من الفجر في منطقة العلكومية عندما كانت منطقة مهجورة موحشة فيها بعض البيوتات المتباعدة، شوارعها تراب ووحل وقطعان كلاب ضالة، سيرًا على الأقدام تحت المطر مشيًا على الطين لتصل بنا إلى المواصلات العامة في أم المقابلين ثم إلى وسط البلد ثم إلى وادي عبدون في مكان عملها (مدرسة حي العماوي)، أي عزم هذا أي إصرار كنتِ تملكين؟!! بأي مستقبل كنتِ تحلمين؟؟ امرأة بألف ألف رجل، تربت والدتي في السعودية ابنة عز ورفاهية في بيت جدي عوض الجبرثمّ جاءت إلى الأردن مجاهدة تذرع الأرض حرثًا تؤسس و تبني أسرتها... من يجازيكِ أمي؟ من مثلكِ أمي؟ أنتِ ترب الكعبة من طراز فريد من يجازيكِ إلا الله... ربي أحبكِ وبالسرطان ابتلاكِ فصبرتِ بعد صبر واحتسبتِ، أسأل الله أن يرحمكِ كما ربيتنا صغارًا أواسي نفسي في هذا المقام أن أحسبكِ شهيدة بإذن الله والله حسيبي وحسيبكِ عنْ أبي هُرَيْرةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ. وأنتِ أمي من الصنف الثاني بإذن الله 14 شعبان 1443

Category

Show more

Comments - 0